الجانب المظلم من مصطلحات إدارة المشاريع

تمهيد

لقد قرّرنا أن نقوم من خلال هذه التدوينة بمشاركتكم وجهة نظر هامّة تدور حول المصطلحات والكلمات الواردة في إدارة المشاريع، والتي غالباً ما نستخدمها ولكن من منظور ممتع وطريف.

فأحياناً ترتبط بعض الكلمات التي عادة ما نستخدمها في مجال الإيضاح والفعالية لإدارة المشاريع بالموت، نعم الموت بمعنى فقدان الحياة، لماذا؟ لسنا متأكدين تماماً ولكن ربما لأنه أينما توجد الحياة يوجد الموت، فبالرغم من أننا لسنا خالدين، الا أننا وفي الواقع نجد أنّ بعض المشاريع على ما يبدو خالدة حيث لا يلوح لها في الأفق نهاية …

مقدمة

دعونا نبدأ بالحديث عن حياة المشروع، فأحد أكثر المصطلحات شيوعاً والمستخدمة من قبل “البعض” في إدارة المشاريع عندما يشيرون إلى “المشروع ككل” هي عبارة “دورة حياة المشروع”، البعض يجادل بأنه عوضاً عن كلمة “دورة” يجب علينا استخدام كلمة “إمتداد” بما أن المشروع، من بدايته وحتى نهايته، يمتد (يوزع على) لفترة من الزمن قد تستغرق أسابيع أو شهور أو سنوات، والآن، أي منهما يعتبر المصطلح الصحيح “دورة حياة المشروع” أم “إمتداد حياة المشروع”؟ لندع حسم هذا الموضوع لتدوينات أخرى في المستقبل ولنعد لموضوع الحياة والموت في المشروع.

بغض النظر عن المصطلح الذي نستخدمه – فقد أثبتنا بالفعل أنه في كلتا العبارتين وحيث نجد كلمة “حياة”، فان هذا يعني أن المشروع فعلا”  ينبض بالحياة.

الموت/ العنف Violence:

بما أن المشاريع مهمة، وتضج بالحياة أيضاً، إذاً لماذا يستخدم أحدهم مصطلحات الموت للإشارة إلى المشاريع؟ نحن لا نتحدث فقط عن الموت، ولكننا نتحدث عن العنف.

دعونا نبدأ مع دوامة الموت ولنأمل أنه لن يزور مشاريعكم، أو ربما ينبغي عليه ذلك؟

أولاً، قتل المشروع:

(دورة / إمتداد) حياة المشروع هي الفترة الزمنية الممتدة من بداية المشروع وحتى نهايته (اغلاقه)، وعادة ما يتمّ تقسيم المشروع إلى قطاعات أصغر (ندعوها مراحل أو أطوار)، حيث جرت العادة في نهاية بعض المراحل أن توجد نقطة مراجعة، ونقطة تحكم، وبوابة مرحلة – بمعنى أنها نقطة توقف مناسبة لاعتماد الأعمال السابقة وتقرير فيما إذا أردنا المضي قدماً أم لا، وبما أن هناك قرار حول إمكانية إستمرار المشروع أو العدول عنه – وإن جاء القرار بالعدول, فإننا سنلغي المشروع، آسف ولكننا نستعمل تعبير “قتل هذا المشروع”.

ثانياً، التنفيذ/ الاعدام (Execution):

إذا نجا المشروع وقام بتخطّي المراحل الأولى للعمل وتمّ اعتماد خطة مناسبة له، فإن فريق العمل سيتحرك قدماً نحو “التنفيذ – الإعدام” وسنقوم بتنفيذ المشروع (العمل)، وهذا أمر لا معنى له، أليس كذلك؟ حيث تبدو الموافقة كأنها قرار الحاكم بتنفيذ حكم الإعدام عوضاً عن الحفاظ على حياة المشروع البريء، لذا إن لم نكن لنقتله منذ البداية فإننا سنقوم بإعدامه بعد التخطيط لذلك.

ثالثاً، هيكلية تقسيم العمل وقائمة الأنشطة:

 نحن نناقش مصطلحاً عاماً غالباً ما يستخدم في التخطيط ولكننا نناقش ما بعد التنفيذ بما أن الأمر أكثر منطقية، أو ربما لا، على أية حال – ما ننقاشه هنا هو اسم طريقة نستخدمها في التخطيط لتطوير هيكلية تقسيم العمل وقائمة الأنشطة، وبشكل أساسي فإننا في إدارة المشاريع نحبّذ تقسيم نطاق المشروع إلى أجزاء أصغر فأصغر حتى نصل إلى ما ندعوه “بحِزم العمل المحددة”، ومن ثمّ نقوم بتقسيم حِزم العمل إلى أجزاء أصغر ندعوها الأنشطة، الجزء المحير هو أننا نقوم بهذا الأمر قبل التنفيذ “الإعدام”، إذاً كيف يتمّ تقسيم المشروع قبل أن يتم تنفيذه “إعدامه”؟ نحن بحاجة إلى إيجاد سلطة عليا للإجابة على هذا السؤال.

المصطلح الرابع, التحلّل (Decomposition):

 الذي سنستعرضه اليوم هو “تحلّل وانهيار عملية التشغيل بعد إتمامها” “Decomposition”، ونحن نستخدم هذا المصطلح لمراجعة المشروع وتحليل ما نقوم به بعد إنجاز المشروع من أجل معرفة الخطأ الذي وقعنا به (وأحياناً الأمور الجيدة التي قمنا بها)، ومن الواضح جداً أنه بعد التنفيذ “الإعدام” نحتاج لمعرفة سبب الوفاة، ولكننا نعرف هذا السبب مسبقاً، أليس كذلك؟ المشروع ميت لأننا قتلناه، نفذناه “أعدمناه”، وحللناه.

منذ أيام قليلة فقط، أطلعني صديقي على رسالة تتحدث عن مرحلة “تحلّل عملية التشغيل قبل إتمامها” “Decomposition”،   ما هذا؟ هل يعود الأمر لفريق العمل أن يقرر كيفية قتل المشروع أو العفو عنه؟ في الواقع، وبجدية، لقد كانت المرة الأولى التي أسمع بهذا المصطلح، حيث أنه يشير بالأساس إلى (لغة الموت) إدارة مخاطر المشروع.

لماذا نستخدم مثل هذه الكلمات، ولماذا لا نستطيع استخدام كلمات مفعمة بالحياة وطبيعية للإشارة إلى المشاريع؟ والجزء المحزن هو أن العديد من المعايير العالمية وأدبيات إدارة المشاريع تستخدام هذه الكلمات.

– لماذا لا نستطيح استخدام مصطلح نقاط موافقة / حكم أو ملائمة / غير ملائمة أو بوابة مرحلة أو … بدلاً من مصطلح نقاط القتل؟

– لماذا لا نستطيع استخدام مصطلح تنفيذ المشروع بدلاً من الإعدام؟

– لماذا علينا أن نشرّح بدلاً من نقسم أو نفصل أو …

– لماذا، أجل لماذا نستخدم مصطلح التشريح عوضاً عن مرحلة مراجعة ما بعد تسليم المشروع وإدارة المخاطر؟

– المشاريع بحد ذاتها معقدة وفرصة نجاحها منخفضة – هل يتوجب علينا أن نظهرها بشكل أسوأ باستخدام مصطلحات ذات دلالات سلبية؟

في الواقع، هذا القسم إضافي كنّا قد تغافلنا عنه في التدوينة أعلاه.

اليوم، عندما كنت أقوم باعطاء دورة تدريبية حول إدارة المشاريع، كنا نتناقش حول الجدولة الزمنية، وأنّه ضمن الجدولة الزمنية يوجد طريقة نستخدمها لضغط الجدول الزمني (جعله أقصر) والتي ندعوها “التحطيم” “تقصير مدة النشاط”، وإننا عادة ما نطلق النكات على هذا المصطلح بتسميته “تحطيم المشروع”. وبما أنني قد نسيت هذا المصطلح في الأعلى، لذا فمن المحتمل أن نضيفه هنا ليصبح بعدها المشروع ميت، لأننا إما  نقتله ونعدمه أو نحطمه …

  • aabdo

    أعتقد بأن بداية إدارة المشاريع كانت من المطبخ (بالأخص مع الجزارة) كونهم استخدموا مثل هذه المصطلحات.
    موضوع مثير،

    • mounirajam

      شكرا” أستاذ عبدو