الاستشاريون الإداريون يُخلّفون وراءهم مكاتب غير مؤهلة لإدارة المشاريع

تمهيد

هذه المشاركة هي من قبل كاتب بصفة ضيف على المدونة، وهو السيد عبد مصطفى، يرجى الإطلاع على المعلومات حول الكاتب في نهاية المدونة، لقد قمنا بنشر هذا المقال دون القيام بأي تنقيح من قبل سوكاد، والمقال يعكس رأي المؤلف، الذي قد يوافق أو لا يوافق وجهات نظر سوكاد.

مقدمة

الاستشاريون الإداريون يخلفون وراءهم مكاتب غير مؤهلة لإدارة المشاريع

بعد أن أمضيت عدة سنوات بالعمل في منطقة (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، فإنه من المؤسف حقاً أن تصادف مكاتب لإدارة المشاريع تعاني من أزمة هوية, وتجدها عالقة في معارك لا نهاية لها مع الإدارات الأخرى لإثبات جدارتها.

الأمر المثير للاهتمام هو اكتشاف أن المتّهم الذي يقف وراء فشل مكتب إدارة المشاريع ليس عدم وجود دعم من قبل السلطة التنفيذية، وانما السبب الجوهري وراء إخفاقات مكاتب إدارة المشاريع هذه يمكن أن يعزى إلى الدور الذي لعبه الاستشاريون الإداريون عند إنشاء هذه المكاتب. وهنا سوف نقوم بالحديث عن ثلاث نقاط أساسية لعب فيها الاستشاريون الإداريون دوراً أساسياً عند تشكيل مكاتب إدارة المشاريع، وقاموا بارتكاب أخطاء جسيمة في البنية الهيكلية لهذه المكاتب، ومهما حاولنا جاهدين إصلاحها، الاّ أنّ هذه الأخطاء تبقى وصمة لا يمكن محوها.

1. زرع بذور الالتباس في السلطة التنفيذية

هناك خلط دائم في أذهان فريق العمل التنفيذي حول أدوار ومسؤوليات وصلاحيات مكتب إدارة المشاريع، وقد نشأ هذا الأمر من حقيقة هي, أنه وفي معظم الحالات، يقوم الاستشاريين الإداريين الذين تمّ التعاقد معهم لتأسيس شركة أو لإطلاق خط عمل جديد، بالتركيز حصراً على إنشاء مكتب إدارة مشاريع مهمته تنحصر في تقديم التقارير لا أكثر. وضمن هذا الإعداد، يتم تجميع وبحث الحالة القائمة من المشاريع والبرامج المختلفة ومن ثم طرحها على فريق العمل التنفيذي لاتخاذ القرار المناسب، وعادة ما يترأس الرئيس التنفيذي اجتماع الإطلاق، ويقوم بدور الحاكم العام بحيث يتخذ القرارات حول كيفية المضي قدماً بهذا الإطلاق. وبالتالي، فإن فريق العمل التنفيذي يؤدي دوره بشكل جيد طالما أن الشركة في مرحلة الإطلاق، ولكن حالما يتم الانتقال من نموذج العمل هذا فإن هشاشة مكتب إدارة المشاريع تتكشف بسرعة.

العديد من المدراء التنفيذيين يجدون أنفسهم غير قادرين على المضي قدماً لكي يحلوا مكان راعي المشروع ((SPONSOR, وهو الدور الذي كان يؤديه الرئيس التنفيذي سابقاً كراعٍ لإطلاق العمل التجاري واتخاذ القرارات المهمة حول المشاريع تحت إشرافهم، وعلاوة على ذلك، فإن عدداً قليلاً جداً من المدراء التنفيذيين يحملون أفكاراً سليمة حول كيفية قيام مكتب إدارة المشاريع بدوره المركزي في بيئة ما قبل الإطلاق، وعليه، فمن المنطقي جداً عدم وجود دعم للسلطة التنفيذية عند انتقال مكتب إدارة المشاريع إلى فترة ما قبل الإطلاق.

2. لم يتعلق الأمر أبداً بمنهجية المشروع

خلال مرحلة الإطلاق، تولي الشركة الاستشارية اهتماماً ضئيلاً للغاية لوضع منهجية للمشروع / البرنامج، ولتوحيد وثائق وقوالب المشروع، ولإرشاد موظفي مكتب إدارة المشاريع حول كيفية تنفيذ الأدوار عوضاً عن تقديم التقارير، وحتى عملية تقديم التقارير فإنها تعاني من عدم وجود منهجية منظمة، فأحياناً هناك اعتماد كلي على “العروض التقديمية لبرنامج الـ Power Point”، وبالتالي، وخلال مرحلة ما قبل الإطلاق، فإن مكتب إدارة المشاريع سيكون مسلّحاً بالشرائح التقديمية الملونة الغير مؤهلة لدعم أو تسليم المشاريع والبرامج، وعادة ما يعقبه فشل كبير للمشروع بحيث تفضي جميع محاولات تصحيح هذا الوضع المزري وبشكل يائس إلى الفشل، وهذا بسبب كون الحلول المستخدمة لمعالجة نقاط ضعف هذه الهيكلية مشتقة من تجربة مكتب إدارة المشاريع في مرحلة الإطلاق، على سبيل المثال، يفترض العديد من المدراء التنفيذيين أنه ولمجرد أن مكتب إدارة المشاريع نجح خلال مرحلة الانطلاق، فإن نهجاً مماثلاً (وبدون العديد من الإضافات) سوف يسفر عن نتائج إيجابية.

3. الاعتماد كثيراً على الأدوار والمسؤوليات المركزية في مرحلة الإطلاق

اكتشاف آخر مثير للدهشة، ألا وهو أن الأدوار والمسؤوليات والبنى المنظمة والمنفذة من قبل مكتب إدارة المشاريع ترتكز على مرحلة إطلاقها. فمن المألوف أن تجد “مكتب إدارة المشاريع لمرحلة الإطلاق”، “مدير مرحلة الإطلاق”، “مدير تنفيذي لمرحلة الإطلاق”، “بوابة مرحلة الإطلاق”، “دورة حياة المشروع في مرحلة الإطلاق”، “قوائم اختيار مرحلة الإطلاق” وما إلى ذلك كجزء من المفردات المستخدمة من قبل مكتب إدارة المشاريع، وفي بعض الحالات، تتم إزالة فقط كلمة “إطلاق” من توصيف وعمليات العمل، ولكن يبقى المضمون على ما هو عليه، ولاحقاً، يصبح مكتب إدارة المشاريع وموظفيه غير قادرين على التكيف مع وتيرة حياة الشركة ويجدون أنفسهم على هامش تسليم المشروع، ولمعالجة هذه الحالة، يتمّ تطبيق حلّين نموذجيين، أولاً، يتمّ تعيين “مدراء مشاريع معتمدين” يتوقع منهم تسليم المشاريع في الوقت المحدد، ومع ذلك، وفي ظل عدم وجود منهجية سليمة لإدارة المشروع فقد يتخبّط العديد منهم أثناء القيام بذلك.

ثانياً، تتم الاستعانة باستشاريين مكلّفين ذوي خبرة واسعة للعمل مع مكاتب إدارة الأعمال في مرحلة الإطلاق لإنقاذ مكتب إدارة المشاريع المتعثّر، وفي بعض الحالات أيضا”، قد تتم الاستعانة باستشاريين من ذات مكتب الاستشارات الإدارية الذي أنشأ مكتب إدارة المشاريع في مرحلة الإطلاق، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً عندما تسلّم المسؤولية وقلب حظوظ مكتب إدارة المشاريع المتعثر، وكل هذا، يزيد من حدة المشكلة، ويهمش دور مكتب إدارة المشاريع في حياة الشركة.

لكي نكون منصفين حيال الاستشاريين الإداريين، عادة ما يتم تعيينهم للاستفادة من مجال خبرتهم وليس من أجل كفاءتهم في تشكيل مكتب إدارة المشاريع، حيث يعتبر مكتب إدارة المشاريع كقيمة مضافة تقدم كجزء من الخدمات الاستشارية ودون أي تكلفة إضافية، وهذه الممارسة واسعة الانتشار في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لدرجة أنه غالباً ما يترك المدراء التنفيذيين يتساءلون عن سبب وجود فشل كبير في المشروع على الرغم من نجاح مرحلة إطلاق الشركة أو خط العمل الجديد (ينظر إلى مرحلة إطلاق شركة أو خط عمل على أنه “مشروع ناجح). ولتجنب تكرار حدوث مثل هذه السيناريوهات، فإن المدراء التنفيذيين سيقومون بعمل جيد إذا قاموا بالتدقيق في مقدّرات مكتب إدارة المشاريع التابع لمكتب الاستشارات الإدارية الخاص بهم، بالإضافة إلى مجال خبرتهم، وعوضاً عن ذلك، فإنه بإمكانهم الاستعانة بشركة متخصصة في مجال مكاتب إدارة المشاريع لتعمل جنباً إلى جنب مع الاستشاريين في مرحلة الإطلاق ومرحلة ما قبل الإطلاق لضمان إنشاء مكتب إدارة مشاريع مناسب ومجهّز بالمنهجية والموارد الصحيحة.

سيكون من الحكمة من قبل المدراء التنفيذيين اختيار شركة إنشاء مكتب إدارة مشاريع متخصصة في نموذج (البناء والتشغيل والانتقال) وليست مختصة بنموذج (التصميم والبناء والانتقال)، حيث أن نموذج (البناء والتشغيل والانتقال) مجهز أكثر لضمان أن مفهوم الحل سيعمل أثناء الممارسة، وأن ثقافة المشروع موجودة ومنقولة إلى داخل المنظمة بشكل سليم وصحيح.

المؤلف الضيف

عبد مصطفى، مدير محترف يملك 18 عاماً من الخبرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، متخصّص في تحسين أداء الشركات من خلال إنشاء وتشغيل مكاتب إدارة المشاريع التنفيذية، وتقديمه لفوائد ملموسة من خلال إدارة برامج ومشاريع معقّدة، وهو يعمل حالياً مديراً لشركة برمجيات متخصصة في مجال تشغيل مقاسم الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.