آمل ألا يشعر أحدكم بالاستياء لاستخدامنا هذا المصطلح، فاستخدام هذا المصطلح من وجهة نظرنا ليس مسيئاً لأحد على الإطلاق، وإنما يعبّر عن واقع عام. ومع ذلك، إن كان أحدكم يعارض استخدام هذا المصطلح، فإننا نعتذر منه سلفا” ونطلب بكل تواضع أن يتابع القراءة حيث سيجد أن نوايانا حسنة والهدف هو ايصال الأفكار بشكل واضح وصريح.
تعريف
ماذا نعني بمصطلح مدير مشروع بالصدفة؟ هل هو شخص ساذج ويقع في الكثير من الأخطاء؟ قطعاً لا!
فهذا المصطلح شائع الاستخدام إلى حد ما.
وعادة ما يشير إلى شخص مهنيّ متعلّم من ذويّ الخبرة يمارس عمله في وظيفة أو مجال واحد، مثل: الهندسة، الكمبيوتر، التسويق، الموارد البشرية، الموارد المالية، التجارة العامة، الفن والرعاية الصحية، والعديد من المجالات الأخرى.
وهذا المهني قد يكلّف أحيانا” بإدارة مشروع مرتبط بوظيفته أو قسمه، على سبيل المثال مشروع متعلق بالهندسة، مشروع متعلق بالتعليم والتطوير، مشروع متعلق بوسائل الإعلام أو أي مشروع آخر.
يتلخص التحدي الآن بأنّه في معظم الأحيان إن لم يكن في مجملها قد لا يملك هذا المهنيّ أي خبرة أو تدريب حول إدارة المشاريع، ومع ذلك يتم تكليفه بإدارة المشروع.
وبعبارة أخرى، يجد المهني نفسه منخرطا” بالصدفة أو بالمصادفة في إدارة مشروع على الرغم أنه ومن المرجح لم يكن خياره الوظيفي المفضّل.
يمكن أن تتمّ إدارة المشروع على أساس دوام جزئيّ أو كامل. وبمجرد انتهاء المشروع، يعود المهنيّ لمتابعة مهامه الوظيفية الاعتيادية، وقد لا يكلّف أبداً بإدارة أي مشروع مرّة أخرى.
هناك وجهات نظر مختلفة حول مفهوم مدير مشروع بالصدفة، وإذا كنّا نقيم الحالة من وجهة نظر فرديّة أو تنظيميّة، فإننا قد نواجه حالة تهديد أو اغتنام فرصة.
اغتنام الفرصة
بالنسبة للعديد من المهنيين، يعتبر السيناريو المذكور أعلاه فرصة عظيمة. فرصة تقوده إلى تحدٍّ جديد، وتكسبه مهارات جديدة وغنيّة، مهارات إدارة المشاريع. وهذه المهارات هي موضع طلب متزايد من قبل النظام الاقتصادي المعاصر، ومن قبل الأمور الحياتية، بالإضافة إلى إمكانية نقلها إلى العديد من المجالات، بما في ذلك إدارة المبادرات الشخصية الغير مرتبطة بالعمل.
وإذا أتمّ الشخص عمله بشكل جيّد في إدارة المشروع الأوّل، فقد تتاح له الفرصة ويتمّ تكليفه بإدارة مشروع آخر، ومن ثمّ الذي يليه، بحيث ينتقل بشكل كامل إلى إدارة المشروع ويصبح مدير مشروع مهنيّ. ومدير المشروع المهنيّ هو الشخص الذي يختار إدارة المشاريع كخيار وظيفي وينتقل إليه من مهنته السابقة مهما كانت، وحالة الانتقال هذه قد لا تكون بالسهولة المتوقعة ولكنها بالتأكيد ستكون مجزية جداً.
حالة التهديد
التهديد الذي قد يتعرّض له كل من المهنيّ والمنظمة يتلخص بأنّ مدير المشروع بالصدفة قد لا يكون جاهزاً لإدارة المشروع، وعليه فإنّه لن يتمكن من القيام بعمله بشكل جيّد في المشروع الأوّل. وإذا كان المشروع على درجة كبيرة من التعقيد، فمن الممكن أن يتعرّض المشروع للفشل، ومن ثم سنلقي بالملامة على مدير المشروع.
هل سيقع هذا الخطأ على عاتق مدير المشروع بالصدفة؟
في بادئ الأمر، يتمّ تكليف المهنيّ “بتحدٍ” جديد وفقاً لما يقوله رئيس عمله، ومع هذا قد لا يتمتع هذا المهني الذي كلّف بالتحديّ بالصفات الضرورية التي يجب أن يتحلّى بها مدير المشروع المهنيّ الجيد. علاوة على ذلك، من الممكن ألا يكون هذا الشخص قد تلقّى التعليم أو المعرفة الضرورية حول كيفية إدارة المشاريع، ولذا فلن يكون من الإنصاف توجيه اللوم له.
وعليه، فإن التهديد في هذه الحالة ذو حدين:
- فيما يتعلق بالجوانب الشخصيّة، من المرجّح أن يشعر مدير المشروع بالصدفة بمسؤوليته عن الفشل، وهذا الموقف قد يضر به مهنيّاً وشخصيّاً. وفي بعض الحالات يمكن أن تكون العواقب وخيمة وضارة على المسيرة المهنية لهذا الشخص.
- أما الجانب الآخر لهذه الحالة فيتمثّل في الجانب التنظيمي. حيث أصبح لدينا مشروع فاشل ينعكس أثره على التكاليف والبرنامج المحدّد للعمل – على أقلّ تقدير. وإذا كان المشروع لمصلحة عميل خارجي، فإن الضرر حينها يكون جسيماً.
باختصار، جميع الأطراف المعنيّة يخسرون في هذا السيناريو.
الحلّ
الحلّ الوحيد ينحصر في تعليم وتدريب جميع مدراء المشاريع كل ما يتعلّق بإدارة المشاريع، ولكننا لا نعتقد بأن هذا الأمر ضروري لجميع أنواع المشاريع.
بالنسبة للمشاريع الاستثمارية الكبيرة والمشاريع التي تعتبر مهمة جداً بالنسبة للمنظمة فإننا نحتاج للإعداد المناسب قبل أن نعيّن مديراً للمشروع ولكنّ هذا الاعداد ليس بالأمر السهل، فهو يتطلب سنوات وخطوات عدّة من أجل الوصول النتيجة المرجوّة. .
ومع ذلك، العديد من المشاريع يمكن إدارتها بنجاح من قبل مدراء مشاريع بالصدفة ولاسيّما تلك التي تمسّ واقع حياتنا وعملنا اليوميّ … ولكن … مع القليل من الإعداد. وبعبارة أخرى، لا ينبغي علينا إلقاء المرء في المحيط ومن ثم نتوقّع منه الوصول إلى الشاطئ بسلام إذا لم يكن يعرف كيفية السباحة. علينا تعليمه المهارات اللازمة لمساعدته في البقاء على قيد الحياة، ربما في مسبح كبير ولكن ليس في المحيط، فنحن بحاجة إلى سبّاح ماهر ليخوض المحيط.
كيف بإمكاننا القيام بهذا الأمر في سياق إدارة المشروع بوتيرة يومية؟
- الإطلاع على الأعمال المهنيّة في المشاريع الأخرى لنرى خطوات تنفيذها.
- توفير بعض فرص التعليم حول بعض أساسيّات إدارة المشروع.
- أن يكون الشخص قد عمل كمساعد مدير مشروع وتحت إشراف مهنيّ أكثر خبرة منه.
جميع هذه الإجراءات ستعزّز فرصة النجاح وتقلّل فرصة الفشل. وبهذه الطريقة، سنكون قد تمكنّا وبطريقة ناجحة من معالجة خطر مدير المشروع بالصدفة، بحيث سيكتسب المهنيّ مهارات جديدة في حين أن المنظمة ستتمتّع بمزايا خدمة أو منتج جديد.
رسالة الختام
لجميع مدراء المشاريع بالصدفة في العالم، رحّب بفرصة إدارة المشروع فقد تغيّر هذه التجربة مسيرة حياتك. وإذا كلّفتك المنظمة بمهمّة دون أن تعدّك الإعداد المناسب لها، قم بالاستعداد بنفسك – ابحث عن المعرفة الجديدة، والأفضل من كل هذا تعلم كيفيّة تطبيقها. وبوابة المعرفة بإدارة هذا المشروع ستوفّر لك قدراً كبيراً من الموارد وعلى أساس منفتح.
نتمنى لكم رحلة ممتعة ومثيرة بالتعلم والنمو.
ملاحظة شخصية
لقد كنت مدير مشروع بالصدفة لفترة قصيرة من الزمن. فقد بدأت حياتي المهنيّة كمهندس وتمّ زجّي للعمل في المشاريع – ولكن ليس كمدير مشروع بما أن المشاريع التي كلّفت بها كانت مشاريع إنشائيّة كبيرة. عندها وقعت في حبّ إدارة المشاريع، وعدت للدراسة مرّة ثانية للحصول على درجة الماجستير في علوم الهندسة وإدارة المنشآت، وهو أحد اختصاصات إدارة المشاريع، وبقيت أعمل في هذا المجال منذ ذلك الحين. لقد أمضيت 25 عاماً رائعاً منذ حصولي على الماجستير وأتطلع قدما لقضاء 20 عاماً أخرى مليئة بالمتعة لمساعدة الناس على إدراك إمكاناتهم.
Pingback: هل أنت مدير مشروع بالصدفة؟ كذلك هي زوجتي! | الريادة في ادارة المشاريع()
Pingback: هل أنت مدير مشروع بالصدفة؟ كذلك هي زوجتي! | الريادة في ادارة المشاريع()
Pingback: هل يتخذ المسؤولين التنفيذيين القرارات الصحيحة في إدارة المشاريع؟ | الريادة في ادارة المشاريع()