منذ فترة قصيرة جاءني أحد الزملاء ليخبرني بأن أحد العملاء قد طرح عليه سؤالا” حول كيفية التمييز بين المهمة والمشروع. بالنسبة للكثيرين، قد يبدو الأمر وكأنه سهل وبسيط، فهل هو كذلك؟ وفي حال كان كذلك، فلماذا مازلنا نشعر بهذا اللغط لدى الكثيرين في التمييز بين المشاريع والمهام؟
لو أردنا تعريف أو تحديد هذه التعابير، لوجدنا أنها متشابهة الى حد كبير. فلو أخذنا مثلا” كلمة مهمّة وقمنا بالبحث عن مرادف عنها في قاموس Thesaurus، فاننا سنجد مرادفات عدة مثال: وظيفة، مهمة، عمل روتيني، وما الى ذلك. أما قاموس أكسفورد فانه يعطينا مرادف لكلمة مهمة على أنها:” قطعة من العمل الذي يتعين القيام به أو الاضطلاع بها.
أما اذا أردنا التحول الى كلمة مشروع، فان قاموس Thesaurus يقوم بتفسيرها على أنها: “مهمة، وفرص العمل، المهمة. ” حينها نتمكن من الملاحظة وعلى الفور أن بعض المترادفات هي نفسها. ويرد أيضا كلمة “مهمة” كمرادف ل “مشروع”. أما قاموس أكسفورد فيقدمها لنا على أنها: “مؤسسة فردية أو مؤسسة شراكة يتم التخطيط لها بعناية لتحقيق هدف معين.
أما معهد ادارة المشاريع (PMI®) ومن خلال كتاب PMBOK®، فانه يقوم بتعريف المشروع على أنه: “المسعى المؤقت الذي اتخذ من أجل خلق منتج فريد من نوعه ومميزفي الخدمة، أو النتيجة”. الآن ربما يقول البعض، “هذا يمكن تعريفه مهمة أيضا “ونحن نقول نعم ولكن بطريقة غير دقيقة.
سبب آخر للّغط، بالاضافة الى التعاريف، هناك الاستخدام الفعلي للكلمة. كثير من الناس في كثير من الأحيان يعملون على “المهام” ويقومون بتسميتها بالمشاريع. على سبيل المثال: إذا قمت بطرح سؤال على صديقك “ماذا ستفعل اليوم؟” الصديق: “لدي مشروع، فقد طلب مني مديري تنظيم بعض الملفات” … أو شيء من هذا القبيل.
التمييز
مع استمرار هذا اللغط، فكيف يمكننا التمييز اذا؟
انه ليس من السهل القيام بذلك.
هناك وسيلة واحدة ممكنة: إذا كان “العمل” روتيني، أو ليس له نتيجة مميزة أو فريدة من نوعها، أو في حال كان بالامكان القيام به في بضع دقائق أو ساعات، فانه بامكاننا أن نطلق على هذا “العمل” تسمية “مهمة”. ولكن إذا كان هذا العمل يشكل عملا” أساسيا” لا بل جوهريا” بالنسبة الى المؤسسة، فانه بامكاننا حينها أن نطلق عليها اسم مشروع. على سبيل المثال، إذا كان “العمل” بحاجة الى بضعة أيام لإنجازه فهل يمكن تسميته مشروع؟ هنا يجب النظر الى العديد من التعريفات في هذا المجال والتي سنوردها هنا مع بعض التوضيح.
إذا عدنا مرة أخرى الى كتاب PMBOK ® – ربما يقول البعض “مهمة مؤقتة هي مشروع بحد ذاتها” واننا نوافق على ذلك. ولكن المشروع يجب أن يعطي نتيجة مميزة، فهل بامكان المهمة أن تصل بنا الى هذه النتيجة؟ ولذلك فإن السؤال الحاسم الذي بامكاننا طرحه على أنفسنا هو: “هل نتائج العمل الذي نقوم به مميزة وفريدة من نوعها؟” وبناء على الجواب يمكننا أن نقرّر ما إذا كان لدينا مهمة أو مشروع. من هنا فان تنظيم الملفات هو عمل نقوم به بشكل متكرر وبطريقة مماثلة في كل مرّة بناء على المعايير المقرّرة مسبقا سواء بحسب التنظيم الأبجدي، أو بحسب الموضوع، أو غيرها. لذلك، اذا” بامكاننا الاستنتاج بأن هذا العمل هو مهمة وليس مشروع.
نحن في سوكاد نقوم بتعريف آخر للمشروع وهو: ” أي شيء خلق من نقطة الصفر … أو تغييرا كبيرا لنظام قائم … يتطلب جهدا كبيرا من حيث التعريف والتخطيط والتسليم” . في هذا التعريف أضفنا بعض العوامل الهامة التي تميّز المشروع مثال: “جهد كبير” وما نعنيه هنا هو اشارة غير مباشرة لأكثر من بضع ساعات أو أيام قليلة. كما أننا قمنا باضافة “إنشاء من الصفر … أو … تغيير كبير” لذلك فاننا مرة أخرى نشير إلى شيء أكثر من تنظيم الملفات ، أو كتابة تقرير روتيني، من بين أمور أخرى.
في مناقشات مع الزملاء حول هذا الموضوع، بادر أحدهم بالقول أن تفسير “جهد كبير” قد يختلف باختلاف حجم المؤسسة وطبيعة استخدامها لهذه المصطلحات. ربما هذا صحيح، لكن ولهذا السبب قمنا بذكر كلمة “الكبرى” سابقا” وهذا يعني أنها قد تستغرق أكثر من بضعة أيام.
كما ذكرنا في وقت سابق فانه ليس من السهل القيام بتعريف هذه الكلمات.
بالنسبة للعديد من المنظمات في الأعمال الصناعية (النفط والغاز ومحطات الطاقة …) أي عمل تقل قيمته عن 5 ملايين دولار أمريكي قد لا يعتبر مشروع حتى أو أنها قد تطلق عليه اسم “مشروع تشغيلي”. في تلك الحالات، يتم التعريف من خلال عدد السنوات التي قد يستغرقها العمل أو من خلال عدد الموارد الكبير المستخدم، والذي يفوق أحيانا المئات. في حين أن المؤسسات الصغيرة أو المشاريع التجارية الداخلية، يمكن أن تقوم بتعريف المشروع على أنه أي شيء يتطلب أكثر من 40 ساعة من العمل.
ملخص
يمكننا تعريف المهمة على أنه شيء بسيط يمكن أن تقوم به خلال دقيقة أو ساعة وقد يكون يوم أو يومين على الأكثر. وينبغي أن تكون أيضا مهمة للعمل التي نقوم بها تشغيلية أو روتينية.
من ناحية أخرى، يتطلب المشروع جهدا كبيرا في فترة من التخطيط والتنفيذ (أيام إلى سنوات) وينتج عنه عادة شيء جديد أو تعديل لنظام كبير. شيء واحد يمكننا أن نضيفه هنا هو أن المشروع يجب أن يشارك في صنعه العديد من الأشخاص في حين أن المهمة هي وفي كثير من الأحيان يقوم بها شخص واحد.
نهاية؛ لأن هذا الموضوع ليس مبنيا” على أمور علمية، فما يمكننا فعله فقط، هو أن نقدم رأينا المتواضع.
إذا كنت ترغب في مناقشة مواضيع أخرى لا تتردد في التواصل معنا. كما يمكنكم التعليق على التدوينة هنا.