الأخلاقيات في ادارة المشاريع من خلال مقارنة الواقع بالأساطير السائدة

مقدمة

من خلال عملنا في التدريب والاستشارات على ادارة المشاريع منذ ما يقارب العشر سنوات والذي يتوزع في منطقة غرب آسيا وأفريقيا، كان يواجهنا العديد من المفاهيم التي يتم الترويج لها في هذا المجال بغية اقناع أفراد هذه المجتمعات في الاقبال على بعض الدورات التدريبية أو الكتب من قبل العديد من المنظمات والمؤسسات التي تسعى الى تأمين الربح والكسب المادي، دون أن يكون هناك أي مردود تعليمي على الصعيد العملي بالنسبة للمشاركين في هذه البرامج.

وقد كان آخرها تلك المفاهيم التي واجهتنا في العراق والتي قام بترويجها العديد من المنظمات المحلية والأجنبية مستغلين تعطّش هذا البلد الى المعرفة والعلم في هذا المجال.

وبناء على كل ما تقدم، يُعد الهدف الأساسي من هذه التدوينة هي القاء الضوء على العديد من المفاهيم والمعلومات التي يتم ترويجها في المنطقة حول ادارة المشاريع. محاولين بذلك تجنب تكرار مثل هكذا تجارب أو سماع بعض المعلومات الغير دقيقة.

الدفع نحو شهادة PMP

هناك دفع بشكل كبير الى جميع العاملين في مجال ادارة المشاريع حول موضوع أهمية شهادة PMP على الرغم من معرفة أن الامتحان لهذه الشهادة يتطلب لغة انجليزية  جيدة أو ممتازة وفي حال عدم وجودها فانه من الصعب لا بل مستحيل النجاح. وعلى الرغم من ذلك فيتم صرف ميزانية هائلة من أجل التدريب على هذه الشهادة وذلك من خلال دورات تمهيدية تستمر لما يقارب الثلاث سنوات أحياناً، ليتم بعدها اختيار قسم من المشاركين لارساله الى أحد البلدان أو ربما داخل البلد، حيث يتمكن من متابعة دورة لمدة 35 ساعة باعتبارها أحد متطلبات منظمة PMI. ثم يليها امتحانات اسبوعية ودورات مكثفة والتي لا تُعرف مدتها. وبالتالي فانه بالاضافة الى الكلفة المالية يكون هناك كلفة الوقت الذي يضعه المشاركون على الدورات والدراسة بدلاً من استثماره في أعمال مجدية أكثر.

وما هو شائع هنا أيضاً، هو الترجمة الحرفية لشهادة PMP على أنها شهادة مدير مشروع محترف وبالتالي فكيف يمكن لعلم واسع النطاق كادارة المشاريع أن يتم اختزاله بشهادة واحدة؟

وفي النهاية يحاولون اقناع المنظمات التي تريد تدريب موظفيها أنه وفي حال نيل الموظف الشهادة فانهم بذلك يكونوا قد تركوا المشاريع بأيدي أمينة وتحسن التصرف… من الممكن أن يكون حامل شهادة PMP يملك كفاءة، ولكن ما هي الحال مثلاً لو حاولنا المقارنة بين حامل شهادة PMP من الخريجين الجدد والذي لا يملك أي خبرة ميدانية في مجال ادارة المشاريع، وبين مدير مشروع يملك خبرة لا تقل عن 15 سنة في هذا المجال، وقد عمل في مناصب مختلفة في ادارة المشروع من ادارة الكلفة ودراسة الجدوى الى ادارة المجازفات والتغييرات وغيرها؟ هل سيكون للاثنين الوقع نفسه على ادارة المشروع؟

معيار النجاح لديهم

ما هو مفاجئ لدى هذه المنظمات هو معيار النجاح. ففي حديث مع أحد ممثليهم خلال الشهر الفائت، أبلغنا أنه في حال نجاح 4 مشاركين من أصل 200 مشارك في الامتحان يعتبر نجاحاً بالنسبة لهم… هل بالامكان القبول بهذه النسبة؟

هل بامكاننا وعلى سبيل المثال اذا كنا نملك شركة تعمل في تصنيع السيارات ومن بين 200 سيارة يتم تصنيع 4 بالجودة المطلوبة وأما العدد المتبقي فيذهب الى اعادة التصنيع أو الصيانة أن نستمر بهذه الشركة ونعتبر أنها تحقق النجاح؟

فكيف لنا بعد سنوات عدة من الاستثمار على الصعيد المادي والشخصي، أن نقبل بأن تكون نسبة النجاح حوالي 2%؟

تعريفهم لمنظمة PMI ومتطلباتها

لجأت بعض المنظمات التي تعمل في مجال التدريب على ادارة المشاريع الى تعريف PMI على أنها جامعة من الجامعات التي تعطي شهادات معترف بها على الصعيد العالمي. وقد سمعنا هذا التعريف من أشخاص مختلفين ولكن مصدر هذا التعريف كان واحداً، وهي تلك المنظمات التي تسعى الى العمل على تأمين العمل التدريبي لها من خلال الترويج لبعض المعلومات المغلوطة.

نقطة أخرى يعملون على اقناع المشاركين فيها وهي أن أحد متطلبات منظمة PMI هي 130 ساعة تدريب على ادارة المشاريع. كما أنها تتطلب برنامجاً خاصاً يتم العمل عليه في ادارة المشاريع وهو تطبيق PRIMAVERA…او MS-Project على الرغم أيضاً أنّ الذي يعرف هذه البرامج جيداّ يعلم أنه يتم استخدامها في التخطيط للمشروع ولا تكفي لادارة مختلف مراحل المشروع.

وتبقى النقطة الأهم هي اقتناعهم في فكرة أن منظمة PMI تقوم بتزويد المنظمات بمكاتب ادارة المشاريع PMO وكيفية ادارة هذه المكاتب وذلك بناء على عمليات موضوعة من قبلها.

صحيح أن منظمة PMI هي المنظمة الأشهر في مجال ادارة المشاريع وتملك العديد من المراجع والكتب والتي تعتبر من الأساسيات في ادارة المشاريع. الا أنه هل من الممكن المبالغة في حجم الأمور فقط من أجل الكسب المادي؟

في النهاية

حبذا لو أن هذه المنظمات تتعامل بشفافية مع عملائها وتعمل على ارشادهم على ما هو الأفضل لهم وليس بناء لما يؤمّن لهم (كمزودي التدريب) الأفضل من حيث المردود المادي. لعلّنا نصل يوماً الى ما يردده دائماً المؤسس والمدير التنفيذي لشركة سوكاد بأن الزبون ليس دائماُ على حق، وانما الزبون المدرك والواعي لما هو بحاجة اليه هو المحق.

يمكنكم مشاركتنا تعليقاتكم عبر تركها على حائط التدوينة